
البشام الإخباري /تعيش بلادنا، منذ تأسيسها، مساراً تاريخياً متشابكاً جمع بين التحولات السياسية والتحديات الاجتماعية، وشهد فترات من التوتر والأحداث التي تركت آثاراً في الذاكرة الوطنية. ومع ذلك، فإن جوهر هذا البلد ظل دائماً قائماً على التعايش، والانصهار، واحترام التنوع الذي هو جزء أصيل من هويته. اليوم، وفي عالم تتسارع فيه موجات التحريض والانقسامات، تصبح الوحدة الوطنية واجباً لا يحتمل التأجيل، ومسؤولية مشتركة لا يُعفى منها أحد.
إن أخطر ما يمكن أن يواجه مجتمعاً متعدد الثقافات والأعراق هو انفلات خطاب الكراهية والتفرقة، لأنه يضرب الثقة بين مكونات الوطن، ويزرع الشك والخوف، ويقوّض مؤسسات الدولة. ومهما تنوعت خلفيات هذا الخطاب أو مبرراته، فإنه يبقى تهديداً مباشراً للسِّلم الأهلي ولتماسك المجتمع.
من هنا، يجب أن يكون موقفنا واضحاً:
لا مكان للكراهية بين أبناء الوطن الواحد، ولا مجال لمن يحاول استخدام الماضي لإثارة الفتن أو تعميق الجراح.
شهدت بلادنا أحداثاً مؤلمة في سنوات مختلفة، مثل أحداث 1989 و1990 وما سبقها وما تلاها من توترات،
هذه الوقائع، مهما بلغت حساسيتها، يجب النظر إليها بروح موضوعية، وفهم خلفياتها وسياقاتها التاريخية والسياسية والاجتماعية، بعيداً عن محاولات الشحن والتحريض.
فالمجتمعات الراسخة ليست تلك التي تخلو من الأزمات، بل تلك التي تتعلم من ماضيها، وتعالج جراحها بالعدالة والإنصاف لا بالانتقائية، وبالمصالحة لا بالتخندق، وبالرؤية المستقبلية لا بإعادة إنتاج خطاب الصراع.
مِنً نِعمِ الله على بلادنا أنها بلد يقوم على التنوع العرقي والثقافي واللغوي. العرب بمكوناتهم، الزنوج الأفارقة ، مختلف الشرائح الاجتماعية… كلها لبنات أساسية تشكل البيت الموريتاني المشترك. هذا التنوع ثروة حضارية، وليس سبباً للعداء أو المفاصلة.
إن قوة هذا البلد في وحدة أبنائه، وفي إيمانهم بأن مصيرهم واحد، مهما اختلفت جذورهم أو لغاتهم أو ثقافاتهم.
علينا جميعا تجسيد و تنفيذ توجيهات صاحب الفخامة الرامية الي انتهاج :
سياسات عادلة تضمن تكافؤ الفرص للجميع دون تمييز.
تربية مدنية تنمّي روح المواطنة بعيداً عن العصبيات.
اعلام مسؤول يرفض التحريض ويبني جسور الثقة.
مجتمع مدني يعمل على المصالحة، وعلى تقوية روابط الأخوة بين المواطنين.
ليس لنا وطن غير هذا الوطن، ولا مستقبل لنا إلا في ظله. لذلك يجب أن ننهض جميعاً لحمايته من خطاب التفرقة، وأن نتذكر أن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا.
إن بناء وطن قوي، عادل، موحد، يتطلب من كل واحد منا أن يكون جزءاً من الحل، لا جزءاً من المشكلة؛ جزءاً من المصالحة، لا من التحريض؛ وجزءاً من مستقبل مشرق لا يعيد إنتاج آلام الماضي.
تصبحون علي خير
من صفحة رئيس جهة لبراكنه /المصطفى محمد محمود
.gif)


