العلاقات الأوروبية الافريقية .. سنة ضائعة | البشام الإخباري

  

   

العلاقات الأوروبية الافريقية .. سنة ضائعة

البشام الإخباري/ شراكة جديدة مع افريقيا وقمة مع الاتحاد الافريقي، بعد اتفاقية كوتونو. الاتحاد الأوروبي كان قد برمج عام 2020 للقيام بالكثير. لكن كل شيء حدث بشكل مغاير ليس فقط بسبب كورونا.

ممثلان ساميان للاتحاد الأوروبي في آن واحد قاما بخطوة البداية، معا مع مفوضة التنمية يوتا أوربيلاينان، عرض مندوب السياسة الخارجية يوزيف بوريل في مارس الماضي استراتيجية افريقيا الجديدة.

بريكسيت منعطف في العلاقات الاوروبية الإفريقية 

 

"الاتحاد الأوروبي هو أهم شريك لإفريقيا في جميع الموضوعات الممكنة: التجارة الاستثمارات والتنمية والتعاون والأمن. ونحن نريد أن يبقى الحال على ما عليه ونريد توطيد ذلك وجعله أكثر فاعلية"، كما وعد بوريل أمام صحفيين. وعلى هذا النحو وجب أن تستمر الأمور، فعام 2020 برمجه الاتحاد الأوروبي كعام افريقيا الكبير مع الاستراتيجية الجديدة كبداية. وفي أكتوبر كان من المقرر أن يقرر زعماء القارتين في قمة احتفالية مشتركة شراكة جديدة. كما كان مقررا التفاوض على خلف لاتفاقية كوتونو التي تنظم العلاقات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي مع أكثر من 70 مستعمرة سابقة في افريقيا وآسيا ومنطقة المحيط الهادي.

وتلقى ألمانيا في هذا السيناريو دورا حاسما، إذ تتولى الحكومة الألمانية حتى نهاية السنة رئاسة الاتحاد الأوروبي. "نقطة مركزية إضافية في سياستنا الخارجية هي افريقيا"، كما وعدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في خطاب مبدئي في مايو.

آخر قمة أوروبية افريقية نُظمت في 2017 في ساحل العاج

قارتان في حاجة متبادلة

لكن كل شيء حصل بشكل مختلف. "الاتحاد الأوروبي ينشغل ـ كذلك بسبب أزمة كوفيد 19 ـ مع نفسه بقوة"، يقول ماتياس موغه من اتحاد منظمات التنمية الألمانية. " وهنا يحتل موضوع اتفاقية الشراكة مع افريقيا مكانة في الخلف". وهذا له انعكاسات: فقمة الاتحاد الأوروبي وافريقيا تم تأجيلها إلى خريف 2021. واستراتيجية افريقيا الجديدة لم يُصادق عليها من طرف الدول الأعضاء. وحتى اتفاقية كوتونو جديدة غير واردة في 

"العلاقات بين أوروبا وافريقيا لم تكن أبدا عادلة. رغم مفاهيم مثل التعاون الدولي ظلت علاقة غير متوازنة تلعب فيها أوروبا دور المحرك وافريقيا دور التلميذ"، كما تقول الباحثة النيجيرية ليندا ارولو من معهد غيغا لدراسات افريقيا. والكثير من الساسة الافارقة يفكرون بنفس الطريقة وكذلك ممثلون للمجتمع المدني. فحسب استطلاع للرأي أخير بين 221 موظفا في منظمات غير حكومية افريقية يفيد نصفهم أن التعاون مع أوروبا غير جيد أو لا يسير بشكل جيد.

موضوعات خلاف التجارة والهجرة

نقطة خلاف: العلاقات الاقتصادية. بالنسبة إلى افريقيا يكون الاتحاد الأوروبي بـ 31 في المائة من الصادرات و 29 في المائة من الواردات من جهة أهم شريك تجاري. ومن جهة أخرى تبقى العلاقة غير متكافئة للغاية. فالدول الأوروبية تستورد من افريقيا في الغالب مواد أولية وتصدر في آن واحد بضاعة قيمة مثل المنتجات الصناعية. وعلى هذا النحو لا يتخلص اقتصاد افريقيا من دوامة التبعية.

"البنية الأحادية لا يمكن أن تساعد في إزالة مشاكل القارة: بطالة عالية وقطاع غير رسمي كبير"، يقول خبير افريقيا الألماني روبرت كابيل، مؤلف دراسة حديثة حول العلاقات الأوروبية الافريقية.

والهجرة هي نقطة خلاف ثانية. فالاتحاد الأوروبي يضغط على البلدان الافريقية لتأمين حدودها بشكل أفضل. فالحكومات وجب عليها منع توجه مهاجرين غير نظاميين إلى أوروبا. ومن يتعاون يحصل على المال والتجهيزات من أوروبا. "نظام الهجرة الأوروبي انطلاقا من بنيته وتنفيذه مبني على استثناء الأفارقة"، كما تنتقد الباحثة ارولو في حديث مع دويتشه فيله.

لكن بطريقة قانونية يكون من المستحيل على كثير من الافارقة الذهاب إلى أوروبا ـ ما عدا اليد العاملة المختصة التي تحتاجها أوروبا. وهذا يغضب الكثير من الحكومات الافريقية. لأن العائدين الذين لهم تكوين جيد عامل مهم لتنمية الاقتصاد المحلي والكثير من العائلات تعيش من التحويلات المالية لأقارب في الخارج.

الهجرة عبر البحر هي أيضا موضوع هام في الشراكة الأوروبية الافريقية

قليل من الحماس

وحتى استراتيجية افريقيا الجديدة التابعة للاتحاد الأوروبي تولد قليلا من الشغف في افريقيا. وفي خمسة مجالات يعتزم الاتحاد الأوروبي التعاون بشكل أقوى مع افريقيا: الاقتصاد الأخضر والرقمنة والنمو والوظائف المستدامة والسلام والأمن والهجرة. "سنرغب في تطوير هذا النوع من الاستراتيجية معا مع الاتحاد الافريقي والمجتمع المدني الافريقي والأوروبي".

فهل سيكون عام 2021 عام افريقيا الجديد؟ فهناك فرص إذا ما نُظمت القمة في الخريف كما هو مبرمج. والجانب الحاسم هو أن يتفاهم الساسة من كلا الطرفين على المضامين. "العلاقات بين أوروبا وافريقيا لا تحتاج إلى الاستمرار في هذا الطريق، بل هي في حاجة إلى انطلاقة جديدة تامة"، يقول الخبير كابيل.

دانييل بيلتس/ م.أ.م

آخر قمة أوروبية افريقية نُظمت في 2017 في ساحل العاج