القطاع الزراعي الموريتاني الواقع والآفاق (*) | البشام الإخباري

  

   

القطاع الزراعي الموريتاني الواقع والآفاق (*)

البشام الإخباري/ منذ  إعلانها وتسميتها الجمهورية الإسلامية الموريتانية فجر الاستقلال 28 نوفمبر 1960 أعتمدت كدعامة أساسية في اقتصادها الوطني على الاقتصاد الريفي.
كانت نسبة المنمين 70% من السكان وكذا نسبةالمزارعين المستقرين من السكان 20% ووصل إنتاج الصمغ العربي 5000 طن في ستينيات القرن الماضي.
وفي المجمل كانت موريتانيا تنتج في عقدها الأول نصف احتياجاتها من الحبوب ويساهم الاقتصاد الريفي بحوالي الثلث من الناتج المحلي.
وفي ثمانينيات القرن الماضي شهدت موريتانيا ركودا اقتصاديا قلب الكثير من الموازين ولازلنا نعاني تبعاته لغاية الوقت الراهن.
ويرجع ذلك من بين أمور أخرى إلى تدهور القطاع الريفي ومرد ذلك حسب المراقبين إلى إهمال المخططين الحكوميين كل من الرعي والزراعة حتى مطلع الثمانينات.
وكان ذلك عقب موجتي الجفاف التي ضربت البلاد على فترتين من 1968- 1973 و 1983- 1985 وانعدام الاستقرار السياسي مع موجة الانقلابات وعدم وجود استراتيجيات ورؤى أوعدم تطبيقها إن وجدت.
مما أدى إلى أضرار بينة من هجرة سكان الارياف إلى المدن وتناقص أعداد الثروة الحيوانية وتراجع الحبوب حيث لم تعد تغطي مع بداية الثمانينيات سوى 5% فقط من احتياج الوطن وانقراض تجارة الصمغ العربي سنة 1986 بشكل كامل بسبب تدهور الوسط البيئي.
كل هذه العوامل أدت إلى توجه السلطات الموريتانية إلى الزراعة المروية مع بداية الثمانينيات وتغيير الأنماط الاستهلاكية من انتاج الحبوب عبر الزراعة المطرية والفيضية وتحت النخيل إلى انتاج زراعة الارز المروية.
أعطت إستراتيجية التخطيط الحكومي في إطار برنامج الانتعاش الاقتصادي 1985-88 أولوية قصوى للتنمية الريفية (35 في المائة من الاستثمارات المخططة).
وتم إصدار قانون إصلاح الأراضي لعام 1983.
وكذا خطة الري والتطوير لوادي نهر كوركل التي بدأتها موريتانيا سنة 1975.
من المفارقات العجيبة أن موريتانيا تمتلك حوالي نصف مليون هكتار صالحة للزراعة نصفها تقريبا قابل للري من النهر السنيغالي، لم يستصلح منها لحد الآن سوى خمسين ألف هكتار.
وكان من أهداف المنظمة التي تضم موريتانيا والسنيغال ومالي ولاحقا غينيا تنمية وتشجيع الزراعة وانتاج الطاقة حيث كانت البداية مع منظمة استثمار النهر السنيغالي وقد بدأ تشييد سد ماننتالي 1982 في مالي كخزان مائي ليتم بعد ذلك تشييد سد جاما في موريتانيا للحماية الروافد من المياه المالحة.
ولا تتجاوز مساهمة الإنتاج الزراعي المحلي في موريتانيا في تغطية الحاجة الغذائية للمواطنين أكثر من 25% بينما يتم استيراد الثلاثة الأرباع الباقية من الخارج.
ولقد وصل الإنتاج الوطني من الحبوب للموسم الزراعي 2007-2008 حسب مصلحة الإحصاء التابعة لإدارة السياسات والمتابعة بوزارة التنمية الريفية إلى: 180.406 طن من الحبوب الخام.
أما عن ورادات البلاد من الغذاء فتظهر نتائج إحصاءات الجمارك الموريتانية أن بلادنا استوردت في نفس السنة من المواد الغذائية الرئيسية وهي: القمح ـ الأرز ـ السكر ـ زيت الطبخ ـ ا لألبان المجففة والسائلة، والخضروات كمية إجمالية وصلت إلى 717.420 طن بثمن إجمالي عند الوصول وقبل إضافة التعرفة الجمركية وصل إلى 69.743.950.447.
من جهة أخرى يعتبر التمويل عنصرا  أساسيا للنهوض بالقطاع الزراعي ونتيجة لعزوف الموريتانيين عن القطاع الزراعي وعدم ترجمة الاستثمارات الطائلة إلى نهضة زراعية تساهم في الأمن الغذائي لموريتانيا.
وفي إطار محاولة النهوض بالقطاع الزراعي سعت الدولة الموريتانية مع بداية2009 إلى  2010 إلى بناء استراتيجية جديدة ودعم معتبر من ناحية التمويل.
وكان من ضمن تللك الاستراتيجة دمج حملة الشهات من أجل إضافة الإطار العلمي وخاصة من المهندسين ومختلف التخصصات الأخرى.
وهذا يقودنا إلى سرد العناصر التي تقف حجر عثرة دون النهوض بالقطاع الزراعي الذي يعول عليه في النهوض بالبلد ويعتبر ركيزة أساسية من ركائز التنمية ونجملها في ما يلي:
1- غياب البنية التحتية وعدم صيانة الموجود منها.
2- رداءة المنشآت ووسائل الانتاج.
3- ضعف تنظيم المنتجين.
4- الملكية العقارية.
6- عدم ملائمة التكوينات الفنية.
7- انخفاض المردودية.
8- ضعف التنويع الزراعي.
9- غياب تثمين المنتجات.
10- نقص المدخلات.
11- غياب التسويق ودراسة السوق.
12- ضعف الميكنة الزراعية.
13- عدم وجود خريطة التربة.
14- ضعف الارشاد الزراعي.
15- عدم فعالية مراكز البحث العلمي.
16- عدم انسجام هيكلة الوزارة المعنية.
17- عزوف المجتمع عن الزراعة.
18- عدم وجود تأمين زراعي.
19- ضعف وسائل مكافحة الآفات.
20- عدم وجود خبرة تراكمية.

وكما يقال فإن تشخيص الداء يعتبر نصف الدواء ولذلك نعتبر أخذ هذه النقاط بعين الاعتبار تعتبر وسيلة ناجعة لمراجعة مكامن الخلل في القطاع الزراعي الموريتاني الواعد.

 

(*)  المهندس: محمد الامين جدو

نائب نقيب المهندسين الزراعيين